"المعارضة وممارسة السلطة أصبحتا في أيامنا هذه وجهان لعملة واحدة، فالذي يعارض اليوم يصبح حاكماً غداً، ثم ينزلق إلى المعارضة بمجرد خروجه من السلطة لأي سبب كان.
هذه هي بالدقة لعبة الديمقراطية اليوم. وهي لعبة خالية من اللون الرمادي فإما أن تكون في السلطة أو تعارضها.
وفي لعبة السلطة تسقط المعاني، فالذي يعارض لا يدري لماذا يعارض، والذي يحكم لا يدري لماذا يحكم، أنه يعارض من أجل إسقاط خصمه، وإنه يحكم حتى يسد الطريق أمام الخصم. بهذا المنطق تحكم الشعوب اليوم من أرقاها في الحضارة وحتى أدناها من الشعوب المغمورة العائشة في مجاهيل أفريقيا.
أما منطق علي بن أبي طالب عليه السلام الذ1ي ولد واستشهد قبل أربعة عشرة قرناً فخلاف ذلك.
فقد خاض علي عليه السلام المهتمين خاض غمار المعارضة ومارس السلطة. فكان رجل المعارضة الذي يعارض بمنطق الممارس للسلطة، ويقدم النصح والمشورة، لتكريس العدل والحرية لكي تبقى السلطة في خدمة الناس حتى لو كان الحاكم شخصاً آخر.
وكان رجل الدولة أيضاً الذي يحكم بمنطق المعارضة، يعارض ولاته ويعارض شعبه عندما يريد الخروج عن المبادئ.
هذه هي فلسفة علي عليه السلام في السياسة: معارضة يمارس السلطة. وحاكم يمارس المعارض. كل ذلك من أجل التغيير والبناء. فالهدف واحد ومتغيرات الزمان والمكان لا تغير من مبادئه شيئاً. "
نعم هكذا هي سياسة آل الصدر الذين اتخذوا من مرقد امير المؤمنين (ع ) ومن منبر الكوفه منبر امير المؤمنين (ع ) نقطة انطلاق للمارسة المعارضة وومارسة تطبيق حكم الله فبألامس مارس المعارضة والحاكم سماحة السيد الشهيد الصدر الأول حينما انطلق ليغير مسار الحوزة التقليدي الى مسار حوزة معارضة ووممارسة للمعارضة لا بهدف الحكم بل بهدف اصلاح الحكم ولقد اخرج الحوزة الى النور بعدما كانت انوارها المقدسة محصورة تحت سرايب وخانات واماكن ضيقة لا تشع الا لمن قصدها وكان ممارسة السيد الشهيد لهذا النوع من المعارضة والإنقلاب التغييري الجذري انه لم يفهم في حينه وادى الى ان يضحي بنفسه واخته العلوية من اجل انتصار قضيته بنحر دمه الشريف وفعلا انتصر.
وكذلك فعل المولى المقدس الصدر (قدست نفسه الزكية ) فإستطاع ان ينتصر لدينه ومذهبه ولإسلامه بسياسته وحكمته وشجاعته .
فاصبحت الحوزة لها صوتها ولها تأثيرها وأدخل صوت الإسلام وتعاليم الإسلام لكل بيت واستطاع ان يزيل الشبهات عن عقول الواهمين والظانين بالله ظن السوء بأن الهدام اللعين لا يمكن كسر شوكته من داخل العراق وبأسم الشعب العراقي ولقد فعلها المولى الصدر .
وكان ثمن هذه السياسية والشجاعة والحكمة هو الشهادة وهذا هو العز والفخر الذي لا يدانيه فخر لا في الدنيا ولا في الآخرة حيث يروى ان الشهداء اعلى مقاما من الأنبياء بخمس درجات ونالها تلك المقامات مولانا المقدس الصدر بعدما مارس دوره السياسي كمعارض وحاكم بنفس الإخلاص لله ولتطبيق شريعة السماء .
واليوم نجد السيد القائد المجاهد مقتدى الصدر يمارس نفس الدور دور المعارض والحاكم في آن واحد وفي نفس درجة الإخلاص لأن المعارضة عنده لا تعني زوال حكم الحاكم الموجود بقدر ما تعني اثارته وتنبيه الى مواضع ونقاط ضعفه في تحقيقها تحقيقا لرضا الله تعالى لا طمعا في دنيا الملوك .
ويمارس دور الحاكم لأنه لا يخشى في الله لومة لائم بقول الحق والتعبير عن الرأي بكل صراحة وشجاعة.
واثبت الأيام من هو السياسي الذي يتخذ سياسية علي بن ابي طالب (ع ) بقطبيها المعارض والحاكم وبجانبها الأحادي الجانب الأيجابي لأن سياسية علي بن ابي طالب (ع ) سياسية ايجابية فعندما يعارض وعندما يحكم ويأمر ليس لمطامع مصالح خاصة .
وفي عراقنا اليوم عراق الغارق في امواج السياسية وتجاذباتها نجد التيار الصدري يمارس دور المعارضة ودور الحاكم في آن واحد وهذا مما يجهله الكثيرون ممن يعارضون لأجل المعارضة ويحكمون لأجل ان يحكموا .
تقبلوا خالص تحياتي