فمن قتل الحسين، اذن؟.
لنعرف اولا لماذا اختار الحسين عليه السلام، الكوفة مقصدا لهجرته من مكة المكرمة التي وصلها مهاجرا من مدينة جده المدينة المنورة، مرورا بمدينة مكة المكرمة التي قلب فيها حجته الى عمرة مفردة، خشية ان يقتله الطاغية يزيد عند البيت العتيق فينتهك حرمته، وهو الذي كان قد اصدر اوامره بهذا الشان (وان وجد الحسين متعلقا باستار الكعبة) كما اخبر بذلك الحسين عليه السلام، من لامه على ترك بيت الله الحرام في موسم الحج، وهو امير الحاج عامها، ممن يتشبث بالقشور وينسى او يتناسى الاصول والجوهر.
برايي، فان هنالك ثلاثة اسباب دعته الى ذلك؛
الاول: كون الكوفة كانت آنذاك حاضرة بلاد المسلمين، فهي معسكر المسلمين واكبر حواضرهم، اذ كان عدد نفوسها آنئذ اكثر من (4) ملايين نسمة، فعندما كان الناس يذكرون الكوفة واهلها، آنئذ، انما كانوا يعنون بها الامة، اي المسلمين.
الثاني: كون الكوفة كانت معقل شيعة ابيه امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، فهم اقرب من يمكن ان يثق بهم الامام الحسين.
ففي الكوفة كان يقطن حواريو الامام امير المؤمنين عليه السلام، وقادة جنده وجيشه وحروبه، كما كان يقطنها زعماء القبائل الشيعة الخلص، ممن لم يشك في امير المؤمنين طرفة عين، منهم، برير بن خضير المشرقي الهمداني، وهو من اشراف اهل الكوفة، وجبلة بن علي الشيباني الكوفي، وكان من شجعان الكوفة، والحلاس بن عمرو الراسبي، وزهير بن القين البجلي الكوفي، وزاهر بن عمرو، وهو ممن بايع الرسول الكريم (ص) تحت الشجرة، في بيعة الشجرة المعروفة، وسعد بن الحرث الخزاعي، وكان صحابيا ورئيس شرطة الامام علي (ع) في خلافته، ثم ولاه على اذربيجان مدة، وشوذب بن عبد الله الهمداني الشاكري الكوفي، وكان صحابيا، اشترك مع امير المؤمنين عليه السلام في حروبه الثلاثة، وغيرهم (وهؤلاء كلهم التحقوا بالحسين في كربلاء واستشهدوا بين يديه).
الثالث والاهم: فلكون الكوفة بلد المسلمين الوحيد الذي بادر لدعوة الحسين للمجئ اليها لاقامة الدولة الاسلامية من جديد، بعد ان رفض اهلها البيعة للطاغية الذي نزا على سلطة المسلمين في الشام بغير حق، فكانت الكوفة السباقة، بل الوحيدة التي تفاعلت مع حركة الرفض التي اعلنها الحسين عليه السلام ضد تسلم الطاغية يزيد بن معاوية لخلافة المسلمين.