عُرِفَ أحدُ الأعراب ببخلٍ وشُحٍّ شديدين ،
ولم يُسمع عنه أنه أقْرَى ضيفاً في حياته ،
وكان بيته صغيراً ولم يحاول أن يوسّعه خشية أن يأتيه
بعض الضيوف ، الأمر الذي لا يرغبه ولا يريده .
وفي أحد الأيام قدم عليه ضيفان على فرسيهما ، فرحَّب بهما وأجلسهما في المكان المُعدّ الضيوف ،
وقدم لهما القهوة ، ثم عرض عليهما أن يعمل لهما قِرَى ،
فسكتا ، والسكوت دلالة الرضى ،
فامتعض بينه وبين نفسه ،
وكانت أغنامه ترعى بعيداً عن البيت مع أحد أبنائه ،
وليس لديه أحد ليبعثه ليأتي له بشاة يذبحها لهما ،
فأتى ببهيمته ووضع على ظهرها وِقَاءً(1) ليركب عليه ،
وأخذ يلفّ ويدور حولها عدة مرات ليركبها
ولكن نفسه لم تطاوعه على ذلك ،
فتركها وعاد إليهما قائلاً : يا قليلي الحياء ، تريدانني أن أترككما في بيتي لوحدكما وأذهب لآتي لكما بشاةٍ من القطيع الذي يبعد عن البيت مسافة غير قليلة ،
وهذا الأمر يستغرق أكثر من ساعة من الزمان ،
والطريق كما تعلمون مليئة بالعساكر وقد يتحرّشون بي ويقتلونني ، وتبقيا أنتما في بيتي وحدكما وليس به إلا زوجتي ،
لعنكم الله ما أثقل دمكما ، قوما لا بارك الله بكما ،
والله لا ذقتما عندي شيئاً ، هيا انصرفا من هنا ولا ترياني وجهيكما بعد اليوم .
هيا انصرفوا من هنا ، فانصرف الضيفان مسرعين لا يلويان على شيء ،
وهما يلعنان ذلك المضيف البخيل ويتعجّبان من شدة بخله وشحّه ، بينما عاد هو إلى بيته وزوجته مبتسماً ابتسامة عريضة بعد أن تخلص من هذين الضيفين الثقيلي الظل