السيدة الهاشمية
فاطمة بنت أسد
عليها الصلاة والسلام
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . أمها فاطمة بنت هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي . تزوّجها أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، فولدت له عليّاً وجعفراً وعقيلاً وطالباً وهو أسنّهم ، و اُم هاني وجمانة وريطة بني أبي طالب [1] .
وهي راوية من راويات الحديث ، روت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت ذات صلاح ودين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزورها ويقيل في بيتها ويحترمها احتراماً عظيماً . وهي أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكّة إلى المدينة على قدميها ، وكانت من أبرّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
روى الكليني في الكافي عن علي بن محمّد بن عبدالله ، عن السيّاري ، عن محمّد بن جمهور ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام ، قال : « إنّ فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين كانت أوّل امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكّة الى المدينة على قدميها ، وكانت من أبرّ الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فسمِعتْ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عُراة كما ولدوا ، فقالت : وسوأتاه ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فإنّي أسأل الله أن يبعثكِ كاسية ، وسَمِعَتْهُ يذكر ضغطة القبر ، فقالت : وضعفاه ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فإني أسأل الله أن يكفيك ذلك » [2]
وهي أوّل هاشمية تزوّجها هاشمي ، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة الأم ، ربى في حجرها ، وكان شاكراً لبرّها يسمّيها أمي ، وكانت تفضّله على أولادها في البر ، كان أولادها يصبحون شعثاً رمضاً ويصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كحيلاً دهيناً . وكانت بمحلّ عظيم من الإيمان ، سبقت إلى الإسلام وهاجرت إلى المدينة ، ولمّا توفّيت كفّنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه ، وأمر من يحفر قبرها فلمّا بلغوا لحدها حفره بيده ، واضطجع فيه وقال : « اللّهمَّ اغفر لاُمي فاطمة بنت أسد » ، ولقّنها حجّتها ، ووسّع عليها مدخلها .
فقيل : يا رسول الله رأيناك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه بأحدٍ قبلها .
فقال : « ألبستُها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة » ، أو قال : « هو أمان لها من يوم القيامة » ، أو قال : « ليدرأ عنها هوام الأرض » ، « واضطجعتُ في قبرها ليوسعه الله عليها وتأمن من ضغطة القبر ، إنّها كانت من أحسن خلق الله صنعاً إليّ بعد أبي طالب » .
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن سعيد بن المسيّب ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال : « لما ماتت فاطمة بنت أسد كفّنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه ، وصلّى عليها ، وكبّر عليها سبعين تكبيرة ، ونزل في قبرها ، فجعلَ يومىَ في نواحي القبر كأنّه يوسعه ويسويّ عليها ، وخرج من قبرها وعيناه تذرفان ، وجثا في قبرها . فقال له عمر بن الخطاب : يا رسولَ الله رأيتكَ فعلتَ على هذه المرأة شيئاً لم تفعله على أحد . فقال له : إنّ هذه المرأة كانت اُمّي بعد اُمّي التي ولدتني ، إنّ أباطالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة ، وكان يجمعنا على طعامه ، فكانت هذه المرأة تفضل من كلّه نصيباً فأعود فيه » [3] .
وهي المرأة الوحيدة التي وَلدت طفلها علي بن أبي طالب في الكعبة ، قال الطبرسي في إعلام الورى : ولد علي سلام الله عليه في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، ولم يولد قط في بيت الله تعالى مولود سواه لا قبله ولا بعده ، وهذه فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً لمحلّه ومنزلته وإعلاءً لقدره ، و اُمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف [4] . وذكرها السيّد محسن الأمين في عدّة أبيات شعريّة قال فيها :
لـهُ فاطم اُم ّ وكانـــت لأحمــد ببرٍ واشفـــــاق هي الاُم والظئر
فيغدوا دهيناً عندها مكتحـــــلاً وأولادها شعــــث شعورهم غبر
بـه آمنت فـي مكـة ثم هاجــرت إلـى يثرب مـا شـاب إيمانها نكـر
وكفّنهـا خيـر الورى في قميصــه وفـي قبـرها قـد نام من حفر القبر
ولقّنهـا القول السديد الـذي بــه لدى الحشر تنجو حين يجـمعها الحشر
لخيـر أبٍ يــنمى وأكـرم حـرّة بـذاك سمت عدنــان وافتخرت فهر
همـا الهـاشميـان اللّذان تفرّعــا علـى خير فـرع أصـله هاشم عمرو
لـه نسب مـن شيبةِ الحمد باهــر جـليّ فمن سامــاه أقعـده البهـر
نماه إلى العليا لـؤي بـن غـالـب وعبدمنافٍ قد مضــــى قبله النصر
—————————–
الهوامش
[1] الطبقات الكبرى 8 : 51 .
[2] الكافي 1 : 377 حديث 2 باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام .
[3] المستدرك على الصحيحين 3 : 108 .
[4] إعلام الورى : 159 .