بسم الله الرحمن الرحيم
* المقدمة
من المسائل التي شغلت العلماء والباحثين الإجتماعيين هي تأخر سن الزواج (العنوسة ) فتعددت الدراسات وتزداد المسألة حساسية عندما تتعلق بالفتيات وسيكون بحثنا هذا مختصراً نتناول فيه تحليل الأسباب والإنعكاسات
* إطلالة لغوية
العنوسة في اللغة تعني الجارية التي طال مكثها في بيت أهلها بعد إدراكها ولم تتزوج وأيضاً تعني رجل أسن ولم يتزوج فهو عانس فبالأصل تسمية العنوسة تعني الرجل والمرأة إلا أنه إصطلاحاً في مجتمعنا أصبحت توجه للمرأة دون الرجل وتختص بها المجتمعات الشرقية وزاد عليها أنها باتت تحمل في طياتها مخزوناً إجتماعياً من النظرة إلى المرأة ومعان كثيرة تشير إلى الشفقة وقلة الحظ وهي بالنهاية إتهام مبطن للمرأة بأنها لو كانت جيدة لختارها أحد الرجال زوجة له أي يصبح الذنب ذنب المرأة حتماً وإستبعاد أي ذنب للمجتمع نفسه
وبكل الأحوال فإنا الأصح لغوياً إستخدام تعبيراً آخر هو (عازبة) كما يقال للرجل (عازب)
* من أسباب هذه النظرة
ومن مميز أسباب هذه النظرة الإجتماعية الضيقة
أولاً : إن المجتمعات الشرقية لا تنظر إلى المرأة نظرة مستقلة عن الرجل وللتوضيح أكثر فهي لا تفهم المرأة خارج دائرة الرجل فهو المحور والمركز الذي يجب أن تدور حوله المرأة فهو المعيل والحامي وهي الضعيفة والتابعة
ثانياً : إن التربية التي تتلقها الفتاة منذ صغرها من والدتها تُعدها للدور المقدس الزواج فيصبح هذا حلمها فتترسخ في ذهنها فكرة فارس الأحلام القادم بالسعادة حتى تصبح مسألة الدراسة ومتابعتها عند بعض الأهل وحتى عند بعض الفتيات من الكماليات والترف الفكري لأنه بالنهاية مميزا نالت من شهادات فموقعها الأخير المنزل والمطبخ
* الإنعكاسات
من الطبيعي وفق النظرة أعلاها ماذا ستكون النتائج ؟
نظرات الشفقة وما يسمى بقلة النصيب والحظ سيلقي بثقله على الفتاة وينعكس هذا على نفسيتها ونظرتها لنفسها وللمجتمع بشكل عام فتعيش حالة من إنعدام الوزن والشك بقدراتها الأنثوية هذا سيدفعها في بعض الأحيان إلى قبول الزواج من غير الكفؤ لها فقط حتى لا يقال بأنها (عانس ) وهو ما يؤدي إلى تراكم المشاكل الزوجية بينهما فتقع بين أمرين أحلاهما مرّ إما الطلاق وإما الرضوخ للعيش حياة ملؤها التعاسة
وفي إحياناً أخرى وفي محاولة لإثبات قدراتها الأنثوية لنفسها على الأقل يؤدي بها هذا إلى الإنحراف عن جادة الصواب وإقامة علاقات عابرة حتى ولو كانت غير شرعية
* الحلول
في هذه المسألة لابد من ترسيخ النظرة الإلهية للإنسان بشكل عام فهو تعالى قد كرّم الإنسان رجلاً وإمرأة على حدّ سواء فالإنسانية قيمة مشتركة بين الجميع وهذا لا يعني أنه ليس هناك دور مخصص لكل إنسان فالذكورة والأبوة جزء من دور الرجل والأنوثة والأمومة جزء من دور المرأة وهذا الدور من الطبيعي والصحيح والسليم أن يكتمل كي يكتمل به كيان الرجل والمرأة وعدم إكماله يُعتبر نقص وهذا لا ننكره ولكنه ليس إلغاءً لشخصية الإنسان وكيانه بشكل تام
ثانياً : على المرأة بالأخص أن تعلم أن مكانتها في المجتمع ليست مرتبطة إرتباط كلي بغسم الرجل فلها شخصيتها ودورها الذي بإمكانها أن تؤديه في المجتمع فتبادر إلى الأعمال والنشاطات الإجتماعية المختلفة
ثالثاً : من المميز الإعتقاد المستمر بأن نافذة السعادة والزواج لا تُقفل عند سن أو عمر محدد ولا نغفل أن الله تعالى رؤوف بعباده وتيسير الأمور والفرج بيده فلا ننسى هذا ولا نغفل أيضاً أن النقص الذي نعيشه في الدنيا وعلى كل المستويات سوف نجد تعويضاً له بأضعاف مضاعفة في الآخرة
رابعاً : وهذه مميز نقطة أن المجتمع بشكل عام يتحمل مسؤولية كبرى في معالجة هذه المسألة ودوره هو الأبرز فعليه أولاً العودة إلى التشريعات الإلهية التي أوجدت الحلول لكل المسائل ومنها هذه المسألة التي نظر إليها الإسلام على أنها غريزة وحاجة يكتمل بها كيان الإنسان تحتاج لإشباعها بطرقها الطبيعية فعلى المجتمع الذي يفوق فيه عدد الإناث الذكور مثلاً تشجيع تعدد الزوجات وعدم الإستهانة بالتشريعات الإلهية ورفضها لقد آن لنا أن نعود إلى هذه التشريعات وبالأخص بعدما ثبُت ومن خلال التجربة فشل كل القوانين والتشريعات البشرية وما نعيشه في عالمنا وفي عصرنا هذا من مشاكل وإنحرافات إجتماعية خير دليل على ما نقول
منقول بتصرف