المحور الثاني :عزة الفرد وعز الأمة .
أحياناً يتصف بالعزة الفرد و أحياناً يتصف بالعزة الأمة.
عزة الفرد :عزة الفرد المؤمن لها مظاهر ثلاثة :
1/العزة الإيمانية .
2/العزة الفخرية .
3/العزة السلوكية.
المظهر الأول : العزة الإيمانية.
ما معناها ؟ معناها أن لا تذل إيمانك أمام السلطان , كيف لا أذل إيماني أمام السلطان ؟ كيف يتعامل الناس مع السلطان ؟هناك من يتعامل مع السلطان بلغة الانبطاح و بلغة الاستجداء , التعامل مع السلطان بلغة الاستجداء والانبطاح إذلالاً لصفة الإيمان وهناك من يتعامل مع السلطان بلغة الحوار , الحوار المؤدب المقتضي لجلب الحقوق هذا التعامل عزة , الأحاديث الشريفة تشير إلى كلا النوعين من التعامل , الإمام الكاظم يمدح علي ابن يقطين لأن لغته لغة الحوار العزيز يقول له :( يا علي إن لله مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أولياءه ) .
ويقول الإمام الكاظم عمن يتعامل مع السلطان بلغة الاستجداء يقول:( لئن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب إليَّ من أن أطأ إليهم بساطه أو أتولى لهم عملا ) .
العزة الإيمانية في موقف الإمام الصادق (عليه السلام ) الإمام الصادق لم يطلق ثورة شجع ثورة زيد ابن علي ابن الحسين ولكنه لم يتصدى لقيادة ثورة الإمام لم يطلق ثورة لكنه حافظ على مبدأ العزة , الإمام الصادق حافظ على مقام العزة .
المنصور العباسي كسائر الخلفاء , الخلفاء الأمويون والعباسيون في كل سنة يأتون إلى الحج لكسب سمعه إعلاميه ويعبرون عن طريق المدينة المنورة إذا دخل الخليفة المدينة يخرج إليها أعيانها و وجهائها يستقبلونه ويرحبون به المنصور العباسي كذلك المنصور العباسي يفتقد الإمام الصادق (عليه السلام)الإمام الصادق لا يخرج ولا يستقبل ولا يرحب , كتب المنصور العباسي إلى الإمام الصادق(عليه السلام) كتب إليه ( يا جعفر لم لا تغشانا كما يغشانا الناس ) أجابه الإمام الصادق:( ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه ) ليس لنا من عمارات وعقارات ونخاف أن تأخذها ونأتي لنسلم عليك ( ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه وليس لك من الآخرة ما نرجوه منك ) أنت لا تملك آخره حتى نأتي ونقول لك نسألك الدعاء , يعني لماذا نأتيك ؟ فكتب إليه المنصور : ( تصحبنا لتنصحنا ) فأجابه الإمام الصادق:(من أراد الآخرة لا يصحبك ومن أراد الدنيا لا ينصحك) هذا مظهر العزة , مظهر العزة في الاستقلال وفي الصلابة هذا هو مظهر العزة الذي حافظ عليه الإمام الصادق(عليه السلام).
المظهر الثاني : العزة الفخرية.
مثلاً: بعض أبنائنا عندما يذهبون إلى الغرب مثلاً يقول أنا لا أستطيع أن أعيش في أمريكا أو أوربا أن لا أصافح المرأة الأجنبية , لا أستطيع ويلزم أن أصافح المرأة الأجنبية , إذا دعيت إلى مائدة عليها خمراً لا أستطيع أنا أن لا اجلس , اعد منبوذاً وأعد شاذاً يأخذون عني فكرة بأني معقد فأن مطر إلى المجارة , هذه ذلة فالعزة الفخرية أن تعتز بمبادئك أن تعتز بقيمك , المجتمع الغربي يعظم الإنسان المبدئي الذي يقف عند مبادئه ويقف عند قيمه عندما أقول مبادئي لا تسمح لي بأن أصافح المرأة الأجنبية و مبادئي لا تسمح لي أن أجلس على مائدة فيها خمراً أو نبيذ مبادئي لا تسمح لي , المجتمع الغربي يرى الإنسان المبدئي شخصية مستقلة وشخصية ذات قرار وذات إرادة , الإنسان المبدئي محترم .
ورد عن الإمام الحسن الزكي( سلام الله عليه):" من أراد عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته" .
المظهر الثالث:العزة السلوكية.
كيف يكون المؤمن منا عزيزاً في سلوكه , العزة السلوكية أن لا تدخل في شيء تعتذر منه لاحظوا سماعة أبن مهران يروي عن الإمام الصادق عليه السلام:"إن الله فوض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه أن يذل نفسه"لماذا؟!
لأن الإيمان ليس حقاً من حقوقك الشخصية حتى تتنازل عنه , تقول والله الإيمان حق شخصي ممكن أن أتنازل عنه ؟ لا ليس من حقك هذا الإيمان حتى تتنازل عنه هذا حق الله ( ولم يفوض إليه أن يذل نفسه إن المؤمن أشد من زبر الحديد ) إن الحديد إذا دخل النار لان و المؤمن لو قتل ثم نشرا ثم قتل لم بتغير قلبه .
وقال في رواية أخرى المفضل ابن عمر عن الإمام الصادق( عليه السلام):"لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه , قلت : بماذا يذل نفسه ؟ , قال : أن يدخل فيما يعتذر منه" يدخل في أشياء ثم يطر إلى أن يعتذر منها ويختلق مبررات , المؤمن لا يدخل مجالس الفسوق إلا بغرض هدايتها والتأثير فيها , المؤمن لا يجلس مجالس البطالين إلا بغرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دعاء أبي حمزة :( أم رأيتني ألف مجالس البطالين فيني وبينهم خليتني ) المؤمن لا يدخل مواطن التهم ويدخل في علاقات مريبة تجعل منه موضع غيبة وغمزاً ولمز ثم يعتذر عن ذلك , لا المؤمن يحتفظ بإيمانه بموضع العزة والمنعة والصلابة .
إذن عزة الفرد لها مظاهر ثلاث :1/العزة الإيمانية 2/و العزة الفخرية 3/و العزة السلوكية .
عزة الأمة :
كما أن المؤمن عزيز ينبغي أن تكون الأمة امة عزيزة , كيف يعني أن الأمة امة عزيزة ؟ كيف تصير الأمة الإسلامية امة عزيزة ؟ وهل الأمة الإسلامية الآن امة عزيزة أم لا ؟العزة تتجلى في موردين :
المورد الأول :
الفقهاء يتناولون مسألة فقهيه هل يجوز تشريح بدن الإنسان المسلم ؟ بدن الإنسان الكافر بالعنوان الأولي يجوز تشريحه لا حرمة لبدنه , بدن الإنسان المسلم لا يجوز تشريحه بالعنوان الأول , لماذا؟!
لأن الروايات المعتبرة تقول :( إن حرمته ميتاً كحرمته حياً ) جسمه محترم مثلما كان في الحياة و تشريحه انتهاكاً لحرمته ( إن حرمته ميتاً كحرمته حياً ) , لو توقف تعلم الطب على تشريح بدن المسلم ولو توقف اكتشاف الجريمة على تشريح بدن المسلم ولو توقف اكتشاف وباء خطير على تشريح بدن المسلم ولو توقف تعلم الطب على تشريح بدن المسلم هل يجوز أم لا ؟هنا بعض الفقهاء يقول نعم يجوز , لماذا ؟!
يقول نحن عندنا أمران :
الأمر الأول : حرمة بدن المسلم هذا له حرمة .
الأمر الثاني: عزة المجتمع الإسلامي .
إذا دار الأمر بين حرمة بدن المسلم وعزة المجتمع الإسلامي فعزة المجتمع الإسلامي مميز من حرمة البدن الميت المسلم , تقدم عزة المجتمع الإسلامي على حرمة البدن الميت المسلم لماذا؟!
لأن المسلمين لو منعناهم من تشريح أبدان المسلمين ولا يملكون أبدان كفار ليشرحوها قلنا لهم لا تتعلموا الطب من هذا المجال تعلموا غير هذا المجال , لو أن المسلمين منعوا من التشريح في فرض التوقف للزم أن يكون الطب لدى المسلمين علماً ناقصاً , وإذا كان الطب لدى المسلمين علماً ناقصاً مع انه علم خطير يتوقف عليه إنقاذ النفوس المحترمة , لو كان علم الطب لدى المسلمين علماً ناقصاً لظل المجتمع الإسلامي محتاجاً إلى المجتمع الغربي في أمس الأشياء وأخطرها ألا وهو إنقاذ النفوس المحترمة , واحتياج المجتمع الإسلامي إلى المجتمع الغربي في هذه الأمور الخطيرة جداً إذلالاً للمجتمع الإسلامي .
إذن محافظة على عزة المجتمع الإسلامي لقوله تبارك وتعالى :{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ولقول النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) :"الإسلام يعلو ولا يعلى عليه", محافظة على عزة المجتمع الإسلامي لو توقف تعلم الطب على تشريح بدن المسلم لقلنا عزة المجتمع الإسلامي مميز من حرمة بدن الإنسان المسلم فتتقدم عزة المجتمع الإسلامي , هذا هو المورد الأول .
المورد الثاني :
هناك فرق بين حوار الحضارات وخنوع الحضارات , ربما إنسان يقول أنت جالس وتقول المجتمع الإسلامي لازم أن يكون عزيز يعني لا نستفيد من الغرب ؟ لا استفيد من الغرب , وهذا يسمى حوار الحضارات القرآن الكريم يدعو إلى حوار الحضارات والقرآن الكريم يقول:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } التعارف هو حوار الحضارات , حوار الحضارات مطلوب , حوار الحضارات استفادة الحضارة الإسلامية من الحضارة الغربية في مجال العلم و التكنولوجيا مطلوب , لكن حوار الحضارات شيء وخنوع الحضارات شيء آخر , نحن نتكلم عن العزة , العزة ما هي؟!
عزة المجتمع الإسلامي أن يكون مستقلاً في قراره ومستقلاً في إرادته ومعتمداً على كفاءات أبناءه وطاقاتهم , المجتمع الذي يعتمد على كفاءات أبنائه وقدراتهم ويكون ذا إرادة مستقلة وذا قرار مستقل هو المجتمع العزيز وأما المجتمع الذي ليس قراره بيده و إرادته ليست بيده حتى أبناءه لا يستطيع أن يعتمد عليهم لأن قراره ليس بيده هذا مجتمع ذليل إذن عزة الأمة عزة المجتمع في أن تكون إرادة المجتمع وقرار المجتمع بيده كي يعتمد على طاقات أبناءه وقدراتهم ومواهبهم الخلاقة الفعالة , هذا هو المراد بعزة الأمة.
ولذلك اليابان خاضت حرب العالمية وخسر كل شي ولكنه لم يخسر عزته خسر البنية التحتية كلها وتحطمت البنية كلها ولكنه لم يخسر عزته لأنه شعب عزيز يمتلك إرادة ويتملك قرار ويمتلك الاعتماد على طاقات أبناءه انتفض و بني مجدة وحضارته من جديد .
محمد إقبال المفكر الهندي المعروف ينقل عن موسوليني أحد علماء الاجتماع , موسوليني يقول :( إذا امتلكت الحديد امتلكت الرغيف ) يعني لا يمكن أن تمتلك ثروة إلا إذا عندك قوة , الثروة فرع القوة , محمد إقبال يرد عليه يقول له لا :( إذا كنت كالحديد امتلكت الرغيف ) امتلاك الثروة يحتاج إلى عزة واستقلال , أنت إذن كالحديد يعني إنسان مستقل يعني مجتمع مستقل , إذا كنت مستقلاً ملكت كل شيء , المميز هو الاستقلال في الإرادة والاستقلال في القرار .
إذن عزة المجتمع الإسلامي عزة يريدها الله , عزة من مميز المبادئ المقدسة ولذلك لا يجوز لمسلم أن يسيء إلى سمعة المجتمع الإسلامي , نفترض مثلاً: مسلم يقوم بعمل إرهابي في الغرب ومن خلاله يسيء إلى سمعه المجتمع الإسلامي وينتهك عزة المجتمع الإسلامي هذا عمل محرم لأن عزة المجتمع الإسلامي مبدأ مقدس , لا يجوز إلى شيعياً أن ينتهك حرمة التشيع , مع الأسف كثيراً منا يخرج على القنوات ويلقي أموراً تسيء إلى سمعة المذهب وتسيء إلى حرمة المذهب وتسيء إلى عزة المذهب , عزة المجتمع الإسلامي وعزة المذهب مبدأ مقدس ليس من حق أي شخصاً أن يسيء إليه وليس من حق أي شخص أن ينتهكه ولست من حقك أن تطلق شعارات كيفما تشاء وتنسب أموراً كيفما تشاء , هناك مذهب له حرمة لا يخضع لهذه الآراء الشخصية ولا يخضع إلى هذه التوجهات الفردية , إذن عزة المجتمع الإسلامي مبدأ مقدس .