هو السيّد كاظم بن السيّد علي بن السيّد جليل بن السيّد إبراهيم الحسينيّ الحائريّ.
ولد في العاشر من شعبان عام (1357 ﻫ. ق) في كربلاء المقدّسة.
وله خمسة أشقّاء توفّي اثنان منهم في سنّ الطفولة، واستشهد واحد منهم في سجون النظام البعثيّ البائد تحت التعذيب، وهو الشهيد سماحة آية الله السيّد محمّد علي الحسينيّ الحائريّ ، والباقي اثنان، وهما : سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمّدحسين الحسينيّ الحائريّ. وسماحة آية الله السيّد علي أكبر الحسينيّ الحائريّ حفظهما الله.
والده :
كان والده سماحة آية الله السيّد عليّ الحسينيّ الحائريّ من مواليد كربلاء المقدّسة، وفي هذه المدينة دخل في سلك الحوزة العلميّة، ثُمّ هاجر إلى النجف الأشرف لتكميل الدراسة، فأصبح من علمائها وأساتذة العلم فيها. وهو عديل المرحوم سماحة آية الله العظمى السيّد محمود الحسينيّ الشاهروديّ تغمّده الله برحمته.
توفّي عام ( 1398 ﻫ )، ودفن إلى جنب عديله في مقبرة المرحوم الشيخ جعفر التُستريّ الكائنة في جهة الرأس من الصحن الحيدريّ الشريف.
والدته :
كانت ـ رحمها الله ـ من ذوات الفضل والعلم، وهي كريمة سماحة آية الله الشيخ محمّدرضا الفاضل .
اللقب :
تلقّب سماحة السيّد بالحسينيّ الحائريّ، فأمّا الحسينيّ فنسبة إلى نَسبه الشريف الذي ينتهي إلى أشرف الأنساب، وهو: الإمام زين العابدين، ثُمّ الإمام الحسين، ثُمّ أمير المؤمنين والزهراء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وأمّا الحائريّ فنسبة إلى أنّ ولادته وولادة أبيه من قبله في كربلاء المقدّسة المشتملة على الحائر الحسيني، وسُمّيت تلك البقعة بذلك للكرامة التي ظهرت للروضة الشريفة عندما أمر المتوكّل العبّاسيّ ـ لعنه الله ـ بشقّ نهر من الفرات يمرّ بالروضة المطهّرة يريد بذلك محو أثرها، فكان الماء يطوف حول الروضة المطهّرة وينصرف، فسمّيت بالحائر; لأنّ الماء كان يحور حول الروضة الطاهرة.
حياته الشخصيّة :
هاجر مع والده إلى النجف الأشرف وهو مازال رضيعاً...، ولمّا بلغ الثانية والعشرين من عمره الشريف تزوّج ابنة عمّه، فأنجبت له أربعة بنين:
أوّلاً: الشهيد السعيد السيّد جواد . ولد في النجف الأشرف. ورافق أباه في الهجرة إلى إيران. وحينما شنّ النظام الصدّامي الحرب العدوانيّة على الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران شارك في الحرب مدافعاً عنها حتّى بلغ مرتبة الشهادة وله من العمر ثمان عشرة سنة.
ثانياً : الحاجّ السيّد صادق حفظه الله. وكانت ولادته في النجف الأشرف أيضاً.
ثالثاً : ثقة الإسلام السيّد علي حفظه الله. وكانت ولادته بعد الهجرة إلى قم المقدّسة.
رابعاً : السيّد محمّدرضا. وكانت ولادته بعد الهجرة إلى قم المقدّسة أيضاً.
دراسته :
بدأ دراسته في السنة الخامسة من عمره الشريف على يد والدته الفاضلة، فتعلّم القراءة والكتابة، والقرآن الكريم، والأدعية والزيارات، وعدداً من الرسائل العمليّة، وعدداً من كتب الحديث الشريف ككتاب (عين الحياة) للمرحوم المجلسيّ .
ثُمّ تتلمذ على يد والده ،فبدأ بعلوم اللغة العربيّة، وانتهى بكتاب (المكاسب) للشيخ الأنصاريّ ، وكتاب (الكفاية) للشيخ الآخوند الخراسانيّ ، ودرس بعض المقاطع من السطح على يد آخرين.
نبوغه :
كان من نبوغه ـ حفظه الله ـ أنّ المرحوم والده لم يكن يُدرّسه بالطريقة المألوفة، وإنّما بطريقة خاصّة; إذ جعل له درساً خاصّاً به فقط، وقلب طريقة التدريس، فكان يأمر ولده بمطالعة الدرس جيّداً، ثُمّ يأتي فيلقي التلميذ الدرس على اُستاذه، فإذا أخطأ في مورد ـ وقلّما يحصل ـ يصحّح له الاُستاذ.
ولم يكن قد أكمل السابعة عشرة من عمره إلاّ وقد أكمل السطح العالي، ودخل درس المرحوم سماحة آية الله العظمى السيّد محمود الشاهروديّ ، فشارك في خارج الفقه والاُصول معاً.
فكان البعض يتضايق من حضوره لصغر سنّه، ويطلب من أبيه أن لا يحضر في مثل هكذا درس ضخم، وكان والده يقول لهم: امتحنوه، فإنّه أهل للحضور.
تدرّجه العلميّ :
درس على يد المرحوم سماحة آية الله العظمى السيّد محمود الشاهروديّ أكثر من دورة كاملة في اُصول الفقه، مضافاً إلى عدّة أبواب من الفقه طيلة تتلمذه لديه، و كان كثير السؤال والإشكال في الدرس، ويشهد بذلك كلّ من حضر معه.
واستمرّ في ملازمة السيّد الشاهروديّ سنين طويلة، ولـمّا غزر علمه أحال السيّد الشاهروديّ عليه بعض الاستفتاءات، وكانت مدّة تتلمذه على يد السيّد الشاهروديّ ما يقارب أربع عشرة سنة.
ولمّا تعرّف باُستاذه الثاني سماحة آية الله العظمى السيّد الشهيد محمّدباقر الصدر ، حدثت له نقلة في حياته العلميّة، فأخذ بملازمة السيّد الشهيد ردحاً طويلاً من الزمن درس عليه الفقه والاُصول، والفلسفة والاقتصاد.
وكان يساعد اُستاذه علميّاً في تأليف كتاب (الاُسس المنطقيّة للاستقراء) الذي يمثّل القمّة في البناء الهرميّ لفكر اُستاذه الشهيد .
وكانت مدّة تتلمذه عند اُستاذه السيّد الشهيد الصدر اثنتي عشرة سنة.
وعيه :
كان من الرعيل الأوّل الذين اعتقدوا أنّ فلسفة وجودهم هو السعي إلى إقامة حكم الله في الأرض، فسعى إلى ذلك بكلّ ما اُوتي من قوّة بحيث سمعناه يقول: إنّ آمالي جميعها كانت معقودة على مرجعيّة الشهيد الصدر ، وكنت أعتقد أنّها هي المشروع الصحيح الحقيقيّ لإنقاذ الاُمّة وحلّ مشاكلها.
وكان قد كتب قبل الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران كتابه المسمّى بـ (أساس الحكومة الإسلاميّة)، وتبعه كتابه الآخر (الكفاح المسلّح في الإسلام)، وقبل سنوات أصدر كتاباً آخر في ضرورة إقامة حكومة العدل في الأرض على يد الفقيه الجامع للشرائط، وسمّـاه بـ (ولاية الأمر في عصر الغيبة).
تواضعه :
يشهد كلّ من عرف سماحته عن قرب بتواضعه الاجتماعيّ والعلميّ، وقد صادف ذات يوم أن طلب منه أحد حُضّار درسه تعريفاً إلى الحوزة وكان سماحة السيّد على علم من أنّ هذا الطالب يحضر الدرس بعض الوقت ولايحضر ما يزيد على نصف الوقت من الشهر فخاطب الطالب قائلاً: "كيف أكتب لك؟ أنت لاتحضر كلّ الوقت فهل أكتب أنّك تحضر نصف الوقت؟"، قال الطالب: إبْكَيْفَك (يعني الأمر إليك).
فقال سماحة السيّد أكتب: "كذا ..."، فأجاب الطالب بنفس الجواب. وهكذا إلى ثلاث مرّات، ففهم سماحته أنّ الطالب يقصد أنَّ الأمرَ كيفيٌ ولايخضع للموازين، فانزعج من ذاك الطالب وعاتبه عتاباً شديداً إلاّ أنّ ردّ الطالب كان لطيفاً وأطلعنا على أ نّه كان يقصد من تعبيره ذاك أنّ الأمر إليك، وبعد صلاة المغرب والعشاء بيّنا مقصود الطالب لسماحة السيّد وطلبنا منه أن يأذن لنا فنزور ذاك الطالب ونعتذر منه فأبى وقال أنا أعتذر، وكلّما طلبنا منه أن لايفعل لم يقبل وفي اليوم التالي وبعد ما أتَمَّ سماحته إلقاء درسه طلب من حضّار الدرس أن لايتفرّقوا حتّى يعتذر للطالب الذي عاتبه نتيجة أنّ عبارة الطالب كانت موهمة، وذكر: إنّ الروايات تُصَرّح بأنَّ من كسر مؤمناً فعليه جَبره ولقد كسرت بالأمس فلاناً واليوم أعتذر لعلَّ اعتذاري يكونُ جبراً.
هذا النوع من التواضع لم يُؤلَف ورأيناه من سماحة السيّد .
ومن تواضعه أنّه كان يباشر أحياناً قضاء حوائج البعض بنفسه عندما كان قادراً على تلبيتها.
وقد رأيناه مرّات عديدة يأتي بالطعام لضيوفه أو بعض مَن يعمل له بيديه على الرغم من وجود من يفعل ذلك.
كما رأيناه يستجيب لدعوة كلّ من يدعوه إلى بيته حتّى إذا كان من أبسط الناس، والشواهد على ذلك كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المختصر، ويشهد بها كلّ من عاشره عن قرب.
ومن تواضعه أنّه كان يقبل الكلام المنطقيّ والفكرة العلميّة الصحيحة حتّى إذا جاءت من أصغر طلبة العلم.
ومن تواضعه أنّه كان يرفض التصديّ للمرجعيّة على الرغم من كثرة مقلّديه، وكان يكتفي بالإجابة عن الاستفتاءات التي كانت تصل إليه من شتّى أنحاء العالم، ولم يوافق على طبع فتاويه على الرغم من إصرار بعض محبّيه ومريديه، إلاّ بعد ما أحسّ بالوظيفة الشرعيّة تجاه ذلك; ولهذا نجد أنّ رسالته العمليّة لم تطبع إلاّ بعد مضي أكثر من عشرين سنة على تدريسه لأبحاث الخارج.
والجدير بالذكر هو أنّ هذه الحالات من التواضع ليس فيها أيّ تكلّف أو افتعال، بل هي حالة طبيعيّة وعفويّة تعيش في أعماق نفسه .
جهاده :
إنّ لسماحته مواقف تضحويّة كثيرة في دفاعه عن الإسلام العزيز لا تسمح هذه الوريقات بسردها، وكفاه أنّه كان خروجه من النجف الأشرف نتيجة مواقفه الجهاديّة النبيلة التي اضطرّته إلى الخروج والهجرة.
ومن المهجر واصل عمله الجهادي وبطريقة أكثر حرّية وأخذ يتابع وضع العمل الجهادي في العراق من خلال تواصله مع اُستاذه سماحة السيّد الشهيد محمّدباقر الصدر عن طريق المراسلات التي كانت بينهما.
وبعد استشهاد اُستاذه السيّد الشهيد رضوان الله عليه واكب سماحته أيضاً الحركة الإسلاميّة العراقيّة بما يخدم مصلحة الوعي الإسلاميّ الحركيّ في العراق، وبذل جهده في دعم حركة الشعب العراقيّ ومجاهديه الأبرار بتوجيهاته وفتاواه الرشيدة، وليس كتابه القيّم (دليل المجاهد) الذي صدر في أيّام النظام البعثي الفاسد، وكان ينير الدرب للمجاهدين في داخل العراق إلاّ شاهداً حيّاً على المعنى المذكور.
وبعد استشهاد المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد محمّد محمّدصادق الصدر تصدّى وبشكل أكبر وأوسع لرعاية المدّ الإسلامي الثوري داخل العراق.
وقُبيل سقوط النظام البعثيّ الغاشم واحتلال العراق وبعده أيضاً واصل سماحته إرشاداته بإصدار بيانات هامّة متناسبة مع الأحداث، ومن جملتها بيانه المعروف في إهدار دم رموز البعثيّين في العراق(1)، وقد عالج بذلك المشكلة الشرعيّة التي واجهها المجاهدون في قتل البعثيّين الذين تلوّثت أيديهم بالدماء الطاهرة لأبناء شعبنا العراقيّ الأبيّ، ومن جملتها بيانه الذي رفض فيه شرعيّة الدستور المؤقّت للعراق، وذكر فيه: "إنّ هذا الدستور بحذافيره دستور غير شرعي، وليس ملزماً لأحد من المسلمين"(2)، وقد أمر مكتبه من ذي قبل بإعداد دستور دائم للبلاد، فتمّ إعداده في ثلاثة عشر فصلاً، ويختصّ الفصل الأوّل منه بالمرحلة الانتقاليّة، وقد طبع ونشر باسم (لبنة أوّليّة مقترحة لدستور الجمهوريّة الإسلاميّة في العراق).
وقد استنكر في بياناته دخول قوّات التحالف في العراق، وأكّد أنّها قوّات احتلال، وليست قوّات تحرير، كما أكّد في كثير من بياناته لزوم التوحّد والتآزر والتكاتف بين أبناء الشعب، واحترام المراجع وعلماء الدين.
هجرته :
هاجر من النجف الأشرف سنة (1394 ﻫ ق)، ونزل في الحوزة العلميّة المباركة في قم المقدّسة، وبدأ نشاطه العلميّ بتدريس السطح العالي فترة وجيزة، ثُمّ شرع بتدريس الخارج فقهاً واُصولاً، فكان درسه الشريف لا يحضره إلاّ الذين يبحثون عن التبحّر والغور العميق حتّى إنّ عدداً من أفاضل العلماء الإيرانيّين يحضر درسه على الرغم من كونه باللّغة العربيّة; طلباً للتحقيق والفائدة.
نشاطه في داخل الحوزة :
منذ أن وطأت قدماه أرض قم المقدّسة أوقف نفسه للعلم وطلاّبه، فدرّس في بعض السنين أربعة دروس لخارج الفقه والاُصول يوميّاً، مضافاً إلى انشغاله في الأجوبة عن الاستفتاءات التي كانت ولاتزال ترد عليه من شتّى أنحاء العالم; إذ رجع إليه الكثيرون من مقلّدي سماحة السيّد الشهيد الصدر في التقليد وفي إدارة شؤونهم السياسيّة.
وقد درّس دورة اُصوليّة كاملة بتحقيق عميق ودقيق، ثمّ شرع في الدورة الاُصوليّة الثانية، كما درّس كثيراً من أبواب الفقه على مستوى الدراسات العليا (أبحاث الخارج)، وقد درّس بعض أبواب الفقه دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والفقه الوضعي كالقضاء وولاية الأمر في عصر الغيبة وفقه العقود، وهو مستمرّ الآن في تدريس أبحاث الخارج فقهاً واُصولاً، ودام تدريسه هذا ما يقارب ثلاثين سنة.
وقد أخذ العراق منه جلّ اهتمامه، فبادر إلى تأسيس مدرسة علميّة في سنة (1401 ﻫ ق ) تهتمّ بتربية الشباب العراقيّين علميّاً وروحيّاً; ليكونوا علماء العراق مستقبلاً، وأفلح والحمد لله في ذلك، فخرّجت المدرسة إلى هذا اليوم أفواجاً من العلماء والأساتذة وكثيراً من المبلّغين الواعين ولايقلّ عددهم عن ألفي طالب، وتفتخر المدرسة بثلّة من خرّيجيها المجاهدين الذين حملوا السلاح في وجه طاغية العراق، واستشهدوا على أرضه دفاعاً عن الإسلام، فطوبى لهم وحسن مآب.
وسمّى سماحته المدرسة باسم اُستاذه آية الله العظمى الشهيد السيّد محمّدباقر الصدر ; لتكون حاملةً لأفكاره، ومواصلةً لنهجه، وكانت المدرسة الوحيدة في ذلك التأريخ التي تدرّس علوم أهل البيت باللغة العربيّة في حوزة قم المقدّسة، وهي أوّل مدرسة ـ أيضاً ـ تبنّت منهج الشهيد الصدر الأوّل في دراسة اُصول الفقه(3).
ثُمّ عمد من خلال مكتبه في قم المقدّسة إلى تأسيس مؤسّسة تهتمّ بإرسال العلماء إلى مناطق تبليغيّة، وتسهيل مهمّتهم ومتابعتهم، وسمّـاها ـ أيضاً ـ باسم اُستاذه الشهيد .
ومارس التربية بنفسه ، فأخذ يلقي كلّ ليلة جمعة من أيّام الدراسة محاضرة في التزكية، أو العقائد على رغم انشغاله طوال الاُسبوع، وله برامج طوال في شهر رمضان المبارك، وتكون له في كلّ ليلة منه محاضرة يقصدها طلاّب العلم والمعرفة.
ويسجّل كلّ حديث يلقيه سماحته في شريط التسجيل، ويوضع في المكتبة الصوتيّة المعدّة ـ في مكتب سماحته ـ لإعادة أنواع الدروس الحوزويّه إعانةً لطالب العلم ومساعدةً له.
وقد أسّس سماحته مدرسة اُخرى باسم اُستاذه الشهيد الصدر رضوان الله عليه في النجف الأشرف بعد سقوط النظام البعثي الكافر، وهي تتبع المنهج نفسه.
وكان ينقل مراراً عن اُستاذه الشهيد أنّه كان يقول: يجب أن نهتمّ بالتربية العلميّة للطلاّب الكفوئين الواعين; كي يكون الأعلم دائماً منهم.
وتراه يبذل في هذا السبيل ما بوسعه لتحقيق هذا الهدف الساميّ الذي يحمي الاُمّة، ويصونها عن كلّ شرّ وسوء. وفّقه الله لما يحبّ ويرضى.
حبّه لاُستاذه الشهيد الصدر :
إنّ حبّه لاُستاذه الشهيد لا يوصف; إذ فجع بنبأ شهادته ، فجلس أيّاماً لايخرج من البيت; لأنّه لايصبر عن البكاء لا ليلاً ولا نهاراً.
سألناه يوماً عن سوء صحّته بالشكل الذي لا يناسبه عمره الشريف، فأجابنا قائلاً: "اُصبتُ بمصيبتين عظيمتين هدّتا قواي:
الاُولى : فراق الاُستاذ الشهيد الصدر ، وأخذت هذه المصيبة منّي مأخذاً كبيراً حيث اضطررت إلى فراقه والهجرة من النجف الأشرف.
والثانية : شهادته أجهزت عليّ وأنهكتني".
وسمعناه يقول: "لو أنّ أولادي ذبحوا بأجمعهم أمامي، لما اُوذيت كما اُوذيت بشهادة اُستاذي".
وكتب بخطّه الشريف في مقدّمته للجزء الأوّل من الفتاوى الواضحة الذي علّق عليه: "والله يعلم كم يعصر قلبي حينما أراني اُعلّق على هذا الكتاب المبارك في حين أنّني لست إلاّ تلميذاً صغيراً وحقيراً لهذا الاُستاذ الكبير الذي عقمت الاُمّهات أن يلدن مثله"(4).